نفسه لم يقبل قوله في الرد»، أنه إذا كانت المنفعة لصاحب العين لا لمن هي بيده، فهل يُقبل قوله في الرد؟ نعم يقبل، مثل: الوديعة، كرجل أودع عند إنسان شيئاً ثم جاء يطلبه، فقال المُودَع: إني قد رددته عليك، فهنا القول قول المُودَع؛ لأنه إنما قبض العين لمصلحة مالكها، فهو كالوكيل له في حفظها.
أما إذا كانت المنفعة لمصلحتهما جميعاً كالعين المستأجرة، فإن العين المستأجرة بيد المستأجر لمصلحته ومصلحة مالكها، فهي لمصلحته من أجل استيفاء المنفعة التي تم العقد عليها، ولمصلحة مالكها من أجل الأجرة المتفق عليها، فهل نقول: القول قول المستأجر، أو نقول القول قول المُؤجِّر؟ الفقهاء ﵏ يغلبون جانب الاحتياط، يقولون: إذا كانت العين بيد الإنسان لمصلحة الطرفين، وادعى ردها فإنه لا يُقبل إلا ببيِّنة، وظاهر كلامهم في هذا: أنه لا فرق بين الرجل المعروف بالصدق والأمانة والحفظ، والرجل المعروف بالكذب والخيانة والنسيان، ولكن لو قيل بأنه يجب النظر إلى القرائن أولاً، فإذا لم يكن قرينة فالقول ما ذهب إليه الفقهاء ﵏، أما مع القرينة فلا ينبغي أن يُقال: إن القول قول المالك، أو قول من هي بيده، بل يرجع إلى ما تقتضيه القرينة، وهذا هو الأقرب للصواب؛ لأن قرائن الأحوال شواهد بمنزلة البينة، فلو أن شخصاً أعار رجلاً أميناً صدوقاً حافظاً، ثم جاء يطلبه فقال المستعير: قد رددته عليك، وقال المعير: لم ترده عليّ، والمعير معروف بالنسيان، فهنا لا يسوغ أن نقول: إن القول قول المعير؛ لأن هذا الذي