ادعى الرد ثقة صدوق حافظ، فيكون القول قوله لكن لا بد من اليمين.
والقرائن تعمل عملها، أرأيتم الحاكم الذي حكم بين يوسف ﵇ وبين امرأة العزيز، ماذا قال حينما دافع يوسف ﵇ عن نفسه؟ ﴿قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي﴾ [يوسف: ٢٦] وهي ادعت أنه أراد بها سوءاً؟ فهنا الحاكم حكم بالقرينة، ولم يحكم بالبراءة للمرأة، ولا ليوسف ﵊ ولكن قال: ﴿إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ ﴿وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ *﴾ [يوسف] لأنه إذا كان من دبر فمعناه أن الرجل هرب منها ولَحِقَته فأمسكت بقميصه، وإذا كان من قُبُل فالمرأة هي المدافعة عن نفسها حتى مزقت القميص، فهذه قرينة.
كذلك القسامة: في القتل يُحكم فيها بالقرينة، ويُهدر الأصل، والقسامة أن يدعي جماعة على قبيلة أنهم قتلوا صاحبهم، وكان بينهم عداوات، وأولياء القتيل ليس عندهم بينة، لكن حلفوا أن فلاناً من هذه القبيلة هو الذي قتل قتيلهم، فالأصل عدم ذلك وهذا قتل نفس، لكن لوجود القرينة وهي العداوة الظاهرة بين القبيلتين تُجرى القسامة، وإذا حلف أولياء المقتول خمسين يميناً أن هذا الرجل هو الذي قتل صاحبهم قُتِل، فهذا حكم بالقرينة، فينبغي أن يقال: إن إطلاق الفقهاء في مثل هذا ما لم تقم قرينة قوية تغلب على الأصل، فإذا وجد قرينة قوية تغلب على الأصل فإنه يُعمل بها.