نجاسة أغلظ من نجاسة الكلب، مع ما في ذلك من إلف الإنسان للأشياء الخبيثة، وقد قال الله تعالى: ﴿الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ﴾ [النور: ٢٦].
وقوله:«أو خمر ذمي» الذمي هو الكافر الذي أقام في بلاد الإسلام مُؤَمَّنَاً على مالِهِ ونفسه ويعطي الجزية، إذا غصب خمر ذمي وجب عليه رده وجوباً، فإن قيل: أليس الخمر حراماً؟ فالجواب: بلى، لكنه بالنسبة للذمي حلال، فإن قال قائل: أنا إذا أعطيته هذا الخمر فإني كما لو صنعت له تمثالاً يعبده؟ قلنا: هذا ليس بصحيح، فالتمثال الذي يعبده محرم حتى في شريعته، لكن الخمر عنده حلال.
وقوله:«أو خمر ذمي» خرج به ما لو غصب خمر حربي فإنه لا يضمنه ويكون هدراً.
ومتى يكون الذمي حربياً؟ يكون حربياً إذا نقض العهد.
وإن غصب خمر مسلم فهدر، ولو طلب المسلم رده فلا يرده، ولكن يريقه، هذا إذا كان له السلطة في التغيير باليد، وأما إذا لم يكن له ذلك فإنه لا يحل له أن يتجرأ على حق السلطان ويفتات عليه.
وبهذا التقرير الذي ذكره المؤلف ﵀ يتبين خطأ أولئك الذين يعتدون على الذميين في بيوتهم ويدخلون عليهم ويريقون خمورهم، فإن هذا لا يجوز؛ لأن الذمي له حق، فيُباح له ما يعتقد إباحته لكنه لا يُعلنه، وإذا أعلنه نمنعه ولنا الحق أن نأخذه ولا نرده.