للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: «ولا يرد جلد ميتة» مثال هذا: شخص رأى شاة ميتة فسلخ جلدها وأخذه، فطالبه مالكها به، فهل يرده؟ المؤلف يقول: «ولا يرد جلد الميتة»؛ لأن جلد الميتة ليس بمال، وهو داخل في عموم قول الرسول : «إن الله حرم بيع الخمر والميتة» (١) فلا قيمة له شرعاً، ولكن إذا قال صاحب الجلد: أنا أريد أن آخذ الجلد لأدبغه، فإذا دبغ صار على القول الراجح طاهراً، فهو كالثوب النجس إذا غصبه غاصب يرده على صاحبه، فيقول: الشاة التي ماتت مُلكي، والجلد يمكنني أن أنتفع به بدبغه، ولهذا كان القول الراجح في هذه المسألة أنه يجب عليه أن يرد جلد الميتة؛ وذلك لإمكان معالجته حتى يصبح طاهراً.

فإذا قال قائل: كيف يرده وهو نجس؟

قلنا: لأن الله إنّما حرم من الميتة أكلها؛ لأن الله تعالى قال: ﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ﴾ [الأنعام: ١٤٥] ولم يقل: على مستعمل يستعمله.

ثانياً: أن جلد الميتة يمكن الانتفاع به إذا دبغ؛ لأن النبي مر على شاة ميتة يجرونها فقال: «هلاَّ انتفعتم بإهابها»، قالوا: إنها ميتة، فقال: «يطهِّره الماء والقَرَظ» (٢) وإذا طهر جلد


(١) أخرجه البخاري في البيوع/ باب بيع الميتة والأصنام (٢٢٣٦)؛ ومسلم في البيوع/ باب تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام (١٥٨١) عن جابر .
(٢) أخرجه الإمام أحمد (٦/ ٣٣٤)؛ وأبو داود في اللباس/ باب في أهب الميتة (٤١٢٦)؛ والنسائي في الفرع والعتيرة/ باب ما يدبغ به جلود الميتة (٧/ ١٧٤) عن ميمونة ؛ وحسنه النووي في المجموع (١/ ٢٧٦)؛ وابن الملقن في خلاصة البدر المنير (٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>