فإن الغاصب يضمن الأجرة، فإذا قدرنا أنه يؤجر باثني عشر ألفاً فإن الغاصب يضمن اثني عشر ألفاً؛ لأن العقد الأول غير صحيح ويجب أن يُضمن لصاحب البيت الأجرة المعتادة، ولو قلنا: إنه صحيح لم يلزمه إلا عشرة آلاف فقط، أما المستأجر الذي أخذها بعشرة آلاف والبيت يساوي اثني عشر ألفاً، هل نضمنه اثني عشر ألفاً، أو عشرة آلاف؟ فيه تفصيل: إن كان عالماً بأنه مغصوب فإننا نضمنه اثني عشر ألفاً، وإن كان غير عالم نضمنه عشرة آلاف فقط.
وفُهِمَ من قوله:«الحكمية» أن غير الحكمية لا يُحكم لها بصحة أو فساد، فلو غصب ماءً فأزال به نجاسة، فهل نقول: إن الإزالة غير صحيحة؟ الجواب: لا؛ لأن إزالة النجاسة لا يقال: صحيحة وفاسدة، وعلى هذا فلو غصب ماء فأزال به نجاسة على ثوبه طهر الثوب؛ لأن إزالة النجاسة ليس لها حكم بالصحة ولا بالفساد.
ولو غصب ماء فتوضأ به فهل يصح وضوؤه؟ ننظر هل الوضوء ينقسم إلى فاسد وصحيح؟ الجواب: نعم، إذاً لا يصح وضوؤه بالماء المغصوب؛ لأنه تصرفٌ حكمي، أي: يلحقه الصحة والفساد.
مثال آخر: رجل غصب ثوباً فباعه، فحكم البيع أنه فاسد؛ لأنه من التصرفات الحكمية التي يلحقها الصحة والفساد.
وظاهر كلام المؤلف: أن الغاصب لو ذكى الشاة التي غصبها صارت حراماً؛ لأن التذكية تنقسم إلى صحيحة وفاسدة فتكون تذكية الغاصب غير مبيحةٍ للمذكاة.