فالضابط: أن تصرفات الغاصب من حيث الحكم التكليفي حرام مطلقاً، ومن حيث الصحة والنفوذ تنقسم إلى قسمين:
ما له حكم من صحة أو فساد يكون تصرف الغاصب فيه باطلاً، وما ليس له حكم يكون تصرف الغاصب فيه نافذاً.
وظاهر كلام المؤلف أن تصرفات الغاصب الحكمية باطلة سواء أجازها المالك أو لم يجزها، وسواء تضرر الغاصب وغيره بذلك أم لا.
القول الثاني خلاف ظاهر كلام المؤلف، وهو أنه إذا أجازه المالك فالتصرف صحيح نافذ؛ لأن تحريم التصرف لحق الغير لا لحق الله، فإذا أسقط حقه سقط وزال المانع، وعلى هذا فإذا قيل للمالك: إن الغاصب قد باع ثوبك، فقال: أنا أجزته، فالبيع صحيح والمشتري يملك الثوب، أما إذا لم يجزه فإن البيع لا يصح ويجب على المشتري رد الثوب وأخذ ثمنه الذي بذله فيه؛ لأن التصرف غير صحيح.
القول الثالث: إن كانت التصرفات يسيرة، مثل ما لو باعه على شخص ثم اطلع عليه المالك وطالب به فهو له ويأخذه من المشتري، أما إذا صَعُبَ وتعذر، مثل ما لو باعه الغاصب على رجل، وهذا الرجل باعه على آخر، وهكذا تناقل الناس هذا المغصوب، فإن التصرفات صحيحة، بناء على الحرج والمشقة التي تلحق فيما لو حكمنا ببطلان التصرف، وأيضاً ربما يكون المغصوب بعيراً غصبه الغاصب وباعه على شخص وولدت البعير وكثر نسلها، فكيف نقول: إنه باطل مع العسر والمشقة العظيمة؟!