فالصحيح أنه مع العسر والمشقة يُحكَم بالصحة للضرورة ويقال لمالكه: لك مثل مالك إن كان مثلياً أو قيمته إن كان متقوماً.
القول الرابع: أن تصرفات الغاصب صحيحة، وهو رواية عن أحمد ﵀ ولكن للمالك أن يستردها، فمثلاً إذا ذكى الشاة فالتذكية على هذه الرواية صحيحة والشاة ترجع لمالكها، وإذا طالب بالمثل وقلنا: إنها مثلية ضمنها بمثلها، وإذا قلنا: إنها متقومة وطالب بمثلها حية، وقال: إن قيمتها حية أكثر من قيمتها لحماً أعطيناه الفرق، أو أعطيناه القيمة كاملة واللحم يكون للغاصب.
وكذلك ـ أيضاً ـ لو توضأ بماء مغصوب، فعلى هذه الرواية ـ التي هي خلاف المذهب ـ الوضوء صحيح، وهو الصحيح؛ لأن هذا التصرف لا يختص بالوضوء، إذ أن تصرف الغاصب بالمغصوب يشمل الوضوء وغير الوضوء، فالغاصب لم يُنه عن الوضوء، لم يُقَلْ له: لا تتوضأ بالماء المغصوب، بل قيل له: لا تتصرف بالماء المغصوب، ولما لم يكن النهي خاصاً بل كان عاماً صارت العبادة صحيحة، هذا هو القول الراجح، ويدل لهذا:
أن الغِيبة على الصائم حرام، والأكل ـ أيضاً ـ حرام، فلو أكل فسد صومه، أما لو اغتاب لم يفسد؛ لأن الأكل حرام على الصائم بخصوصه، والغِيبة ليست حراماً على الصائم بخصوصها، بل هي حرام عليه وعلى غيره، فتبين بهذا الفرق الواضح بين العموم والخصوص.
إذاً الخلاصة: أن تصرفات الغاصب صحيحة، أما إن أجازها المالك فهذا أمر واضح مثل الشمس، وأما إذا لم يجزها