وقوله:«عنه» أي: عن ربه أي: المالك «مضموناً» أي: بشرط الضمان إذا وجده، فيعتقد أنه تصدق بهذا عن ربه مضموناً عليه لو وجد ربه، فعندنا شيئان:
الأول: أن تكون الصدقة عن ربه لا عن نفس الغاصب.
الثاني: أن ينوي أنه ضامن له إذا وجد ربه وطالب به.
فإن تصدق به عن نفسه فإن صدَقته لا تقبل؛ لأنها صدقة غير طيبة، والله ﷿ لا يقبل إلا ما كان طيباً، وذمته لا تبرأ؛ لأنه لم ينو هذه الصدقة عن ربها ولم ينو الضمان، فلم يستفد التقرب إلى الله ولم يستفد إبراء الذمة، بل أقول: إن ذلك لا يزيده إلا إثماً، يعني لو تصدق به عن نفسه فهو آثم.
فإذا وجد ربه بعد أن تصدق به عنه فإنه يقول: أنت الآن مخير إن شئت فأمضِ الصدقة والأجر لك، وإن شئت ضمنت لك مالك، والأجر للغاصب؛ لأن الغاصب اتقى الله وهذا غاية ما يستطيع فيؤجر على تصرفه.
وهذه المسألة من مسائل تصرف الفضولي التي أجازها الفقهاء ﵏؛ لأنها ضرورة، إذ إنه لا يعرف صاحبها فلا بد أن يتخلص منها بهذا.
وقوله:«تصدق به عنه» لو أراد أن لا يتصدق بها بل أراد أن يجعلها في مسجد ـ مثلاً ـ فهل يجوز ذلك؟ ظاهر كلام المؤلف: لا، ولكن هذا الظاهر غير مراد، بل له أن يجعلها في طرق الخير من بناء مسجد، أو بناء أربطة للفقراء، أو شراء كتب لطلبة العلم، المهم أن يصرفها فيما يقرِّب إلى الله، وحينئذٍ هل