والفرق بين القولين: أننا إذا قلنا: إنها لم تصح من الأصل، فإن ما حصل من نماء بين العطية والموت يكون للورثة؛ لأن العطية لم تصح أصلاً، وإذا قلنا بالصحة ولكن لهم الرجوع، فما حصل من نماء منفصل فهو للموهوب له.
لكن على كل حال القول بأنها تثبت قول ضعيف، والصواب أنه يجب على المفَضَّل أن يرد الزيادة في التركة، أو تخصم من نصيبه.
فإن قال قائل: إذا كان أحدهم يحتاج إلى سيارة والآخرون لا يحتاجون؛ لأن الأول مدرسته بعيدة والآخرون مدرستهم قريبة، فهل يجوز أن يشتري للذي يحتاج السيارة سيارة؛ لأنه يحتاجها؟
لا يجوز؛ لأنه إنما يحتاج للنفع فقط، وهو ركوبها إلى المدرسة ورجوعه، وهذا يحصل بأن تكتب السيارة باسم الوالد، ويبقى الانتفاع للولد، بحيث إذا مات الوالد ترجع هذه السيارة في التركة، ولا يجوز للإنسان أن يُملِّك الولد السيارة؛ لأن المقصود دفع الحاجة، ودفع الحاجة يحصل بدون تمليك؛ لأنه ربما يعطيه السيارة بستين ألفاً اليوم ويموت الأب غداً.
فلذلك نقول: هذه مسألة يجب التفطن لها، إذا كان أحد الأبناء يحتاج إلى سيارة والآخرون لا يحتاجون، فإننا لا نعطي المحتاج سيارة باسمه، ولكن تكون السيارة باسم الأب، وهذا يدفع حاجته بانتفاعه بها، وإذا مات الأب ترجع في التركة.
إذاً القول الراجح: أنه إذا مات فإنها لا تثبت العطية، ويجب ردها في التركة.