للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

........

وكذلك ما الجواب عن نهي النبيِّ ﷺ عن الصَّلاة في مَعاطِنِ الإِبل، فإِن هذا يدلُّ على نجاستها أيضاً؟.

فالجواب عن حديث ابن عباس أن قوله: «من البول»، أي بول نفسه. «فأل» للعهد الذِّهني، والدَّليل على ذلك أنَّه في بعض ألفاظ الحديث عند البخاري: «أما أحدهما فكان لا يستبرئ من بوله» (١)، وهذا نَصٌّ صريح فَيُحْمَل الأوَّل عليه.

وأما النَّهي عن الصَّلاة في معاطِن الإِبل، فالعِلَّة في النَّهي ليست هي النَّجاسة، ولو كانت العِلَّة النَّجاسة لم يكن هناك فرق بين الإِبل والغنم، ولكن العِلَّة شيء آخر.

فقيل: إن هذا الحكم تعبُّدي، يعني: أنه غير معلوم العِلَّة (٢).

وقيل: يُخشَى أنه إِذا صلَّى في مباركها أن تَأْوي إِلى هذا المبرك وهو يصلِّي، فَتُشوِّش عليه صلاته لِكِبَر جسمها، بخلاف الغنم (٣). وقيل: إنها خُلِقت من الشَّياطين (٨٥٥) كما ورد بذلك الحديث (٤). وليس المعنى أنَّ أصل مادَّتها ذلك، ولكن المعنى أنها خُلِقت من الشَّيطنة، وهذا كقوله تعالى: ﴿خُلِقَ الإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ﴾ [الأنبياء: ٣٧]، وليس المعنى أن مادة الخَلْق من عجل، لكن هذه طبيعته، كما قال تعالى: ﴿وَكَانَ الإِنْسَانُ عَجُولاً﴾ [الإِسراء: ١١].


(١) تقدّم تخريجه، ص (١٣٣).
(٢) انظر: «مجموع الفتاوى» (١٩/ ٤١)، «شرح منتهى الإرادات» (١/ ١٥٥).
(٣) انظر: «مجموع الفتاوى» (٢١/ ٣٢٠)، «فتح الباري» (١/ ٥٢٧، ٥٨٠).
(٤) تقدم تخريجه ص (٣٠١)، من حديث البراء بن عازب.

<<  <  ج: ص:  >  >>