للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يمثلون أصوات الحيوان مثلاً، فيقال: ليس لنا مثل السوء، هكذا قال النبي فلا يجوز التمثيل بالحيوانات.

وقوله: «العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه» مثل يراد به التقبيح والتنفير، فالكلب خسيس، من أخس الحيوان وأقبحه، بل هو أنجس الحيوان فيما نعلم؛ لأنه هو الذي يجب أن تغسل نجاسته سبع مرات إحداها بالتراب (١)، يقيء ثم يرجع ويأكل القيء!! فعل قبيح، هكذا الذي يهب ثم يرجع، مثله مثل الكلب الذي قاء ثم رجع في قيئه، حتى لو فرض أنه عندما رجع رضي الموهوب له ولم يبالِ، نقول: هذا حرام ولا يجوز، وإذا كان هذا حراماً فينبغي للإنسان إذا وهب شيئاً ألا تتعلق به نفسه؛ لأن بعض الناس يهب الشيء إما لطروء فرح بصاحبه، أو لعاطفة جياشة في تلك الساعة، ثم يندم ويقول: ليتني ما وهبت، فهذا لا ينبغي؛ لأن شيئاً وهبته اجعله عن طيب نفسك ولا تعلق نفسك به، فقد خرج عنك قدراً وشرعاً، فكيف تعلق نفسك به، مع أنه لا يمكن أن تعود؟! فلا يجوز له أن يعود في هبته.

فإن قال قائل: أفلا يمكن أن نقيسها على البيع، ونقول: ما داما في المجلس فللواهب الخيار؟

الجواب: لا؛ لأن البيع عقد معاوضة يحتاج إلى تروٍّ، والإنسان ربما يستعجل فيقدم على البيع دون تروٍّ، فجعل له الشارع مهلة ما دام في المجلس، أما هذا فهو عقد تبرع،


(١) أخرجه مسلم في الطهارة/ باب حكم ولوغ الكلب (٢٧٩) (٩١) بلفظ: «أولاهن بالتراب» عن أبي هريرة .

<<  <  ج: ص:  >  >>