أَزْوَاجُكُمْ﴾ [النساء: ١٢]، ويقول: ﴿وَلأَِبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ﴾ [النساء: ١٠]، والسدس إذا أُخِذَت منه الوصية التي هي الخمس يكون سدساً إلا خمساً؟
فيقال: إن الله ـ تعالى ـ بَيَّن فقال: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾، وقال: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾، وقال: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾، وقال: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾ [النساء: ١٠، ١١]، فالآيات صريحة أن هذه القسمة بعد الوصية، وحينئذٍ إذا عدنا إلى الآية: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ﴾ فقوله: ﴿كُتِبَ﴾ أي: فرض، وإسقاط هذا الفرض يحتاج إلى دليل بَيِّن.
وأيضاً قوله: ﴿حَقًّا﴾، أي: أُحِقُّ هذا حقاً وأثبته إثباتاً.
وأيضاً قوله: ﴿عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾، أي: على ذوي التقوى، وهذا يدل على أن الوصية من التقوى، ومخالفة التقوى حرام.
ولهذا كان القول الراجح في هذه المسألة أن الوصية للأقارب غير الوارثين واجبة؛ لأن الآية صريحة، والنسخ ليس بالأمر الهيِّن أن يُدَّعى مع هذه الصراحة، ومع إمكان الجمع بين هذه الآية وآية المواريث، والجمع أن آيات المواريث صريحة في أنها من بعد وصية، وكيف نلغي هذه الأوصاف العظيمة: ﴿كُتِبَ﴾، ﴿حَقًّا﴾، ﴿عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ مع إمكان العمل بآيات المواريث وهذه الآية؟! ولأنه لا دليل على النسخ.