للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واستدلُّوا على ذلك: بأن هذا ليس معروفاً عادة، فالعادة الغالبةُ ألا تحيض قبل تمام تسعِ سنين، ولا بعد خمسين سنة.

والعادة والغالب لها أثرٌ في الشَّرع، فالرَّسولُ قال للمستحاضة: «امكُثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك» (١)، فَرَدَّها إِلى العادة.

وقال شيخُ الإِسلام (٢)، وابنُ المنذر، وجماعةٌ من أهل العلم (٣):

إِنه لا صحَّة لهذا التَّحديد، وأن المرأة متى رأت الدَّم المعروف عند النِّساء أنه حيض؛ فهو حيض؛ صغيرةً كانت أم كبيرةً، والدَّليل على ذلك ما يلي:

١ - عموم قوله تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيْضِ قُلْ هُوَ أَذىً﴾ [البقرة: ٢٢٢]، فقوله: ﴿قُلْ هُوَ أَذىً﴾ حكمٌ معلَّقٌ بِعلَّة، وهو الأذى، فإِذا وُجِدَ هذا الدَّمُ الذي هو الأذى ـ وليس دم العِرْق ـ فإِنَّه يُحكمُ بأنه حيضٌ.

وصحيحٌ أن المرأة قد لا تحيضُ غالباً إلا بعد تمام تسع سنين، لكن النِّساء يختلفن، فالعادةُ خاضعةٌ لجنس النِّساء، وأيضاً للوراثة، فمن النساء من يبقى عليها الطُّهر أربعة أشهر، ويأتيها الحيض لمدَّة شهر كامل، كأنه ـ والله أعلم ـ ينحبس، ثم يأتي جميعاً.


(١) رواه البخاري، كتاب الحيض: باب الاستحاضة، رقم (٣٠٦)، ومسلم، كتاب الحيض: باب المستحاضة وغسلها وصلاتها، رقم (٣٣٤)، من حديث عائشة.
(٢) انظر: «مجموع الفتاوى» (١٩/ ٢٣٧، ٢٤٠)، «الاختيارات» ص (٢٨).
(٣) انظر: «المغني» (١/ ٣٨٩)، «المجموع شرح المهذَّب» (٢/ ٣٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>