ومن النِّساء من تحيض في الشهر ثلاثة أيام، أو أربعة، أو خمسة، أو عشرة.
٢ - قوله تعالى: ﴿وَاللَاَّّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَاَّّئِي لَمْ يَحِضْنَ﴾ [الطلاق: ٤]، أي: عِدَّتهن ثلاثةُ أشهر، ولم يقل: واللائي قبل التسع أو بعد الخمسين، بل قال: واللائي يئسن من المحيض واللائي لم يحضن، فالله سبحانه رَدَّ هذا الأمر إِلى معقول معلَّل، فوجب أن يثبت هذا الحكم بوجود هذه الأمور المعقولة المعلَّلة، وينتفي بانتفائها، والمرأة التي حاضت في آخر شهر من الخمسين، وأوَّل شهر من الحادية والخمسين غير آيسة، فهو حيضٌ مطَّردٌ بعدده وعدد الطُّهر بين الحيضات ولا اختلاف فيه، فمن يقول بأنَّ هذه آيسة؟!.
والله علَّق نهاية الحيض باليأس، وتمام الخمسين لا يحصُل به اليأس إِذا كانت عادتُها مستمرَّةٌ، فتبيَّن أنَّ تحديد أوَّله بتسع سنين، وآخره بخمسين سَنَة لا دليل عليه.
فالصَّواب: أنَّ الاعتماد إِنَّما هو على الأوصاف، فالحيض وُصِفَ بأنَّه أذى، فمتى وُجِدَ الدَّمُ الذي هو أذىً فهو حيض.
فإِن قيل: هل جرت العادة أن يذكر القرآن السَّنوات بأعدادها؟.
فالجواب: نعم، قال تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً﴾ [الأحقاف: ١٥]، ولو كانت مدَّة الحيض معلومة بالسَّنوات لبيَّنه الله تعالى، لأنَّ التَّحديدَ بالخمسين أوضحُ من التحديد بالإِياس.