للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: ما الحكمة في النَّهي عن غمس اليد قبل غسلها ثلاثاً لمن قام من النَّوم؟

أُجيب: أنَّ الحكمة بيَّنها النبيُّ بقوله: «فإِنَّ أحدكم لا يدري أين باتت يدهُ».

فإن قال قائل: وضعت يدي في جِراب، فأعرفُ أنها لم تمسَّ شيئاً نجساً من بدني، ثم إِنني نمت على استنجاء شرعي، ولو فُرض أنَّها مسَّت الذَّكر أو الدُّبر فإِنَّها لا تنجُس؟

فالجواب: أن الفقهاء قالوا: إِن العلَّة غير معلومة فالعمل بذلك من باب التَّعبُّد المحض (١).

لكن ظاهر الحديث أن المسألة معلَّلةٌ بقوله: «فإِن أحدكم لا يدري أين باتت يدهُ».

وقد ذكر شيخ الإسلام أن هذا التَّعليل كتعليله بقوله: «إذا استيقظ أحدكم من منامه؛ فليستنثر ثلاث مرَّات؛ فإِن الشيطان يبيت على خياشيمه» (٢). فيمكن أن تكون هذه اليد عبث بها الشيطان، وحمل إليها أشياء مضرَّة للإنسان، أو مفسدة للماء فنهى النبيُّ أن يغمس يده حتى يغسلها ثلاثاً (٣).

وما ذكره الشيخ وَجيهٌ، وإِلا فلو رجعنا إلى الأمر


(١) انظر: «الإِنصاف» (١/ ٧٢، ٧٥)، «شرح منتهى الإِرادات» (١/ ١٥).
(٢) رواه البخاري، كتاب بدء الخلق: باب صفة إِبليس وجنوده، رقم (٣٢٩٥)، ومسلم، كتاب الطهارة: باب الإِيتار في الاستنثار والاستجمار، رقم (٢٣٨) عن أبي هريرة.
(٣) انظر: «مجموع الفتاوى» (٢١/ ٤٤، ٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>