فما هي الرضعة المحرمة، هل هي المصة، بحيث لو أن الصبي مص خمس مرات، ولو في نَفَس واحد ثبت التحريم؟ أو الرضعة أن يمسك الثدي ثم يطلقه ويتنفس ثم يعود؟ أو أن الرضعة بمنزلة الوجبة، يعني أن كل رضعة منفصلة عن الأخرى، ولا تكون في مكان واحد؟
في هذا أقوال للعلماء ثلاثة، والراجح الأخير، وهو اختيار شيخنا عبد الرحمن بن سعدي ﵀؛ ووجه ذلك أننا لا نحكم بتحريم المرأة ـ مثلاً ـ إلا بدليل لا يحتمل التأويل، ولا يحتمل أوجهاً أخرى، وهذا الأخير لا يحتمل سواه؛ لأن هذا أعلى ما قيل، وعلى هذا فلو أنه رضع أربع رضعات، وتنفس في كل واحدة خمس مرات، فلا يثبت التحريم على القول الراجح، حتى تكون كل واحدة منفصلة عن الأخرى.
وقد بحث ابن القيم ﵀ هذه المسألة في (زاد المعاد) بحثاً دقيقاً، ينبغي لطالب العلم أن يرجع إليه.
الشرط الثاني: أن يكون الرضاع في زمن يتغذى فيه الطفل باللبن، وهل يحمل على الغالب، أو يحمل على الواقع؟
في هذا للعلماء قولان أيضاً:
القول الأول: أن يحمل على الغالب وهو سنتان، فمتى وقع الإرضاع بعد السنتين فلا أثر له، سواء كان الطفل مفطوماً أم غير مفطوم، وما وقع قبلهما ثبت به التحريم سواء كان الطفل مفطوماً أم لا، وهذا المشهور من المذهب، واستدلوا بقوله تعالى: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾ [البقرة: ٢٣٣]