وقالوا: إن هذا التحديد أضبط من أن نحدده بشيء آخر؛ لأن الحولين يمكن ضبطهما بالدقيقة، فإذا ولد الطفل في الساعة الثانية عشرة نهاراً، ودار الحولان وبلغ الساعة الثانية عشرة وقد أرضع أربع مرات، فيبقى عليه رضعة واحدة، فإذا أرضعته المرأة بعد الساعة الثانية عشرة بنصف ساعة مثلاً، فإن الرضاع لا يؤثر؛ لأنه لم يقع في الزمن المحدد، ولا شك أن هذا أضبط.
لكن يضعف هذا أن الإرضاع بعد الفطام لا أثر له في نمو الجسم وتغذيته، فلا فرق بين أن ترضعه وله سنة وثمانية أشهر إذا كان قد فُطِم، أو ترضعه وله أربع سنوات؛ لأنه لن ينتفع بهذا الإرضاع، ولن ينمو به، ويؤيد هذا أن النبي ﷺ قال:«لا رضاع إلا ما فتق الأمعاء، وكان قبل الفطام»(١)، والنفي هنا لنفي التأثير لا لنفي الواقع؛ لأنه قد يُرضَع بعد هذا، أي: لا رضاع مؤثر إلا ما فتق الأمعاء وكان قبل الفطام.
فهذا من حيث المعنى أرجح، وذاك من حيث الضبط أرجح، فلننظر:
أولاً: فإذا فطم لحولين اتفق القولان.
ثانياً: إذا فطم لثمانية عشر شهراً، فإن قلنا: العبرة بالحولين، فالإرضاع بعد ذلك مؤثر، وإن قلنا: بالفطام، فالإرضاع بعد ذلك غير مؤثر.
(١) أخرجه الترمذي في الرضاع/ باب ما جاء أن الرضاعة لا تحرم إلا في الصغر دون الحولين (١١٥٢) عن أم سلمة ﵂، وقال: حسن صحيح. انظر: الإرواء (١١٥٠).