زوجته من الرضاع، واستدلوا بعموم قوله تعالى: ﴿وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ﴾ [النساء: ٢٣] والمرضعة تسمى أماً، وقوله: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النساء: ٢٢] والأب من الرضاع يسمى أباً، وقوله تعالى: ﴿وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ﴾، وبقوله ﵊:«يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب»(١)، فقالوا: كما أن أبا الزوج من النسب حرام على الزوجة، فيكون أبوه من الرضاع حراماً عليها، وكما أن أم الزوجة من النسب حرام على الزوج فأمها من الرضاع ـ أيضاً ـ حرام.
واختار شيخ الإسلام ﵀ أنه لا يحرم من الرضاع ما يحرم بالمصاهرة لحديث:«يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب»، فالحديث يدل بمنطوقه على أنه يحرم بالرضاع ما يحرم بالنسب، ويدل بمفهومه على أنه لا يحرم بالرضاع ما يحرم بغير النسب.
وأما قوله تعالى: ﴿وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ﴾ فالاستدلال به غير صحيح من الآية نفسها، فلو كانت الأم عند الإطلاق تشمل الأم من الرضاع والأم من النسب، لم يكن لقوله: ﴿وَأُمَهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ﴾ فائدة؛ لأن ﴿أُمَهَاتُكُمْ﴾ سبقت في أول الآية، وأيضاً الأم من الرضاعة لا يصح أن نقول: إنها أم على الإطلاق، بل لا بد من القيد، ولهذا لا تدخل في الأم في قوله تعالى: ﴿فَلأُمِّهِ السُّدُسُ﴾ [النساء: ١١] بالإجماع، وكذلك الأخت عند الإطلاق لا يدخل فيها الأخت من الرضاع، وإلا لما قال: ﴿وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ﴾ فلا دليل في الآية.