كذلك قوله: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ﴾ فإنه من المعلوم أن الأب من الرضاع لا يدخل في مطلق الأب أبداً، فلا يسمى أباً إلا بقيد الرضاع.
وأما قوله: ﴿وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ﴾ فقد تكون حجة عليهم؛ لأن الله قيد الأبناء بكونهم من الأصلاب؛ فقال: ﴿وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ﴾ وأجابوا: أن هذا القيد احتراز من ابن التبني، فيقال: إنه لا يمكن أن يحترز الله في القرآن عن ابن باطل شرعاً؛ لأن الابن الباطل شرعاً غير داخل حتى يحتاج إلى قيد يخرجه، فابن التبني ليس شرعياً من الأصل.
وعلى هذا فالآية تدل على ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀، وهو الذي نراه ونرجحه أنه لا دخل للرضاع في المصاهرة؛ وذلك لأن لدينا عموماً من القرآن فلا يمكن أن نخرمه إلا بدليل بَيِّن، وهو قوله: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ و «ما» اسم موصول تفيد العموم، فأي إنسان يقول: هذه المرأة حرام، نقول له: ائت بدليل.
وعلى هذا يجوز للرجل أن يتزوج أم زوجته من الرضاعة، لكن بعد أن يفارق الزوجة بموت أو طلاق فلا يجمع بينهما؛ لقول الرسول ﵊«يحرم بالرضاعة ما يحرم بالنسب»(١)، فإذا حرم الجمع بالنسب حرم بالرضاعة، ولهذا فشيخ الإسلام ﵀ في هذه المسألة لم يصب في قوله إنه يجوز الجمع بين الأختين من الرضاع، وكون جمهور الأمة