ولكن لو ترتب على هذا مفسدة نمنعه، لا لأنه دف، وإنما نمنعه للمفسدة، وهكذا جميع المباحات إذا ترتب عليها مفسدة منعت، لا لذاتها ولكن لما يترتب عليها.
وهناك آلات عزف أخرى كالمزامير، والطنابير، والرباب، وما أشبهها، وهذه لا تجوز بأي حال من الأحوال لحديث أبي مالك الأشعري ﵁ أن النبي ﷺ قال:«ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحِرَ والحرير والخمر والمعازف»(١).
«الحِرَ» يعني الفرج، والمراد الزنا، والخمر كل ما أسكر، والحرير نوع معروف مما يلبس، لكنه لا يحرم على النساء لدعاء الحاجة إلى لبسه، والمعازف معروفة، واستحلالها نوعان: إما اعتقاد أنها حلال، كما يلبس ثوبه، وإما فعلها فعل المستحل مع اعتقاد أنها حرام، وكلا الأمرين موجود الآن، فمن الناس من يرى حل المعازف، إما عن اجتهاد، أو تأويل، وإما مجرد هوى، فيقول: الناس مختلفون في هذه المعازف، وأنا أرى أنها حلال، بدون أي اجتهاد، ومنهم من يفعلها فعل المستحل.
أما الأول: فوقع فيه علماء أجلاء، وضعفوا حديث أبي مالك الأشعري ﵁ بأن البخاري ﵀ رواه معلقاً، والمعلق نوع من أنواع الضعيف، وقالوا: إن المعازف حلال، وممن قال بذلك ابن حزم الظاهري ﵀.
ولكن هذا القول ضعيف، وتعليل الحديث بالانقطاع ـ أيضاً ـ
(١) أخرجه البخاري في الأشربة/ باب ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه (٥٥٩٠) عن أبي عامر الأشعري ﵁.