ضعيف؛ لأن البخاري ﵀ رواه جازماً به، وما رواه البخاري معلقاً مجزوماً به فهو صحيح عنده، ثم إن الحديث قد روي موصولاً من طرق أخرى، وله شواهد كثيرة في الوعيد على من يستمعون إلى المعازف.
فالحديث لا شك في صحته، لكن ابن حزم رجل مجتهد، والمجتهد قد يخطئ وقد يصيب، وهناك أناس ليسوا أهل اجتهاد ولا أهل علم، ولكن يحكِّمون الهوى، يقولون: المسألة فيها خلاف، وما دامت المسألة خلافية فأمرها هين، فيعتقدون حله بناءً على الخلاف، وما ذاك إلا لهوى في أنفسهم، وكما قال الأول (١):
وليس كل خلاف جاء معتبراً
إلا خلاف له حظ من النظرِ
وهذا لا حظ له من النظر، ومن أراد استقصاء هذه المسألة بأدلتها فعليه مراجعة كتاب:(إغاثة اللهفان) لابن القيم ﵀ فقد أجاد في ذلك وأفاد.
وإذا كانت المعازف حراماً فإنه لا يحل منها إلا ما خصه الدليل، وبالقيود التي جاءت به.
وهذه قاعدة مهمة إذا جاءنا نص عام، ثم ورد تخصيصه فإنه يتقيد ـ أي التخصيص ـ بالصورة التي ورد بها النص فقط، مثلاً: وردت إباحة الدف في موضعه، فهل يمكن أن يقول قائل: إذاً جميع آلات العزف تباح في مثل هذه المناسبات قياساً على الدف؟
الجواب: لا يصح؛ لأن التخصيص إذا ورد يجب أن يكون
(١) أبو الحسن ابن الحصار نقله عنه السيوطي في الأتقان (١/ ٤١).