للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خرج رسول الله قال: فلما رآني تبسم؛ لأنه عرف أن به جوعاً، قال: فذهبت معه، فجيء إليه بقدح من لبن، فقال لي: «ادع أهل الصفة» يريد أن يسقيهم من اللبن، فقال أبو هريرة في نفسه: إذا دعوت أهل الصفة فماذا يبقى لي؟! ولكن لا بد لي من امتثال أمر الرسول ، فذهب ودعاهم، وكانوا أحياناً يبلغون ثمانين رجلاً، فجاءوا وشربوا كلهم من هذا الإناء، وبقي فيه شيء، وكان أبو هريرة هو ساقيهم، فقال له النبي : «اشرب أبا هر»، فشرب، ثم قال له: «اشرب»، فشرب، حتى ما وجد مكاناً للبن في بطنه، فقال: والله يا رسول الله لا أجد له مساغاً، فأخذ العلماء من هذا أنه يجوز للإنسان أن يملأ بطنه من الطعام، لكن أحياناً.

وانظر إلى البركة فهذا الإناء كفى أهل الصفة، وأبا هريرة، وبقيت فيه بقية، وكان يقول: إن الناس يقولون لي: أبا هريرة، وإن النبي سمَّاني أبا هر (١)، والأحسن أبو هر؛ لأنه مكبر، ولأنها تسمية النبي له، ولهذا كان علي بن أبي طالب أحسن الألقاب عنده أبو تراب، لأنه كان نائماً يوماً في المسجد، وقد علق التراب بجسمه، فجعل النبي يمسح عنه التراب، ويقول له: «قم أبا تراب» (٢).


(١) أخرجه البخاري في الرقاق/ باب كيف كان عيش النبي وأصحابه … (٦٤٥٢) عن أبي هريرة .
(٢) أخرجه البخاري في فضائل أصحاب النبي / باب مناقب علي بن أبي طالب (٣٧٠٣)؛ ومسلم في الفضائل/ باب من فضائل علي بن أبي طالب (٢٤٠٥) عن سهل بن سعد .

<<  <  ج: ص:  >  >>