للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن تسافري وإما أن أطلقك؟ هذه مشكلة؛ لأنه إذا قال هذا الكلام، فمقتضاه أن يلزمها بإسقاط الشرط وهي كارهة، فإذا كان يريد تهديدها حتى تسقط هذا الشرط، فإن هذا لا يجوز، أما إذا قال هذا عن جِدٍّ، وليس عن تحدٍّ، وقال: إنه لا يملك نفسه، ولا بد له من زوجة إذا سافر، وقال لها: إما أن تسافري معي وإلا فسأتزوج وأطلقك، أي: ليس قصده إجبارها وإكراهها، فهنا نقول: لا بأس.

قوله: «ويحرم وطؤها في الحيض» أي: يحرم وطء الزوجة في الحيض؛ لقول الله تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيْضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ﴾ أي: يطهرن من الحيض ﴿فَإِذَا تَطَهَّرْنَ﴾ أي: اغتسلن ﴿فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ﴾ [البقرة: ٢٢٢] والآية نص صريح، وفيها ذِكْر التعليل قبل الحكم؛ من أجل إيقاظ الذهن للعلة؛ حتى يكون الإنسان كارهاً للفعل قبل أن يعرف حكمه، وهذا أسلوب من أساليب البلاغة، وإلا فالغالب أنه يُذكَر الحكم ثم تذكر العلة، لكن هنا ذكرت العلة من أجل أن يرد الحكم على نفس كارهة للمخالفة؛ لأن أي إنسان يعرف أنه أذى سوف يتجنبه.

وقوله تعالى: ﴿هُوَ أَذىً﴾ أي: على الزوجين جميعاً، فالزوج يتضرر، والزوجة تتضرر أيضاً، ثم هو دم نجس وليس طاهراً؛ لأن النبي أمر الحائض إذا أصاب دمها ثوبها أن تغسله ثم تصلي فيه (١).


(١) أخرجه البخاري في الوضوء/ باب غسل الدم (٢٢٧)؛ ومسلم في الطهارة/ باب نجاسة الدم وكيفية غسله (٢٩١) عن أسماء .

<<  <  ج: ص:  >  >>