للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا حرم الوطء في الحيض فيجوز ما سواه، من المباشرة والجماع دون الفرج، وما أشبه ذلك؛ لأنه إذا كان الأصل الحل فإنه لا يخرج عن الأصل إلا ما قُيِّد بالوصف فقط، وهو الجماع.

فإذا قال قائل: كيف تقول: إنه الجماع، وقد قال الله ﷿: ﴿فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ﴾، وهذا يقتضي أن الزوج يعتزلها حتى يكون فراشه غير فراشها، وأن لا يقربها أيضاً؟

فالجواب: أن هذا من باب التوكيد؛ لأن السنة بينت ذلك، فقد قال النبي : «اصنعوا كل شيء إلا النكاح» (١)، وأخبرت عائشة أن النبي كان يأمرها، فتتزر، فيباشرها وهي حائض (٢)، فالتعبير بالعبارتين: ﴿فَاعْتَزِلُوا﴾، ﴿وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ﴾ من باب التوكيد والتنفير، وذلك واضح؛ لأن النفس تدعو إلى جماع الزوجة، لا سيما إذا كان شاباً وهي شابة، فيحتاج الحكم بالتحريم إلى عباراتٍ جزلة، توجب النفور من هذا العمل، ومن رحمة الله ﷿ أنه لا يمنع شيئاً إلا أحل ما يقوم مقامه، ولو من بعض الوجوه، وهو المباشرة دون الفرج.

لكن ينبغي لمن أراد ذلك أن يأمر زوجته فتتزر، وأن لا


(١) أخرجه مسلم في الحيض/ باب جواز غسل الحائض رأس زوجها وترجيله … (٣٠٢) عن أنس .
(٢) أخرجه البخاري في الحيض/ باب مباشرة الحائض (٣٠٠)؛ ومسلم في الطهارة/ باب مباشرة الحائض فوق الإزار (٢٩٣) عن عائشة ، واللفظ للبخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>