يعرض عنها، ولا يلبي طلبها الواجب عليه، أو يلبيه لكن بتكره، وتثاقل، وما أشبه ذلك.
نقول: الله بيَّن هذا في قوله: ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا﴾، وفي قراءة سبعية أن يصَّالحا (١)، وقوله: ﴿نُشُوزًا﴾ يعني يترفع عليها ويستهجنها ﴿أَوْ إِعْرَاضًا﴾ أي: يعرض عنها ولا يقوم بواجبها، لا في الفراش، ولا في غير الفراش، ولا كأنه زوج، قال الله ﷿: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا﴾ أي يتصالحا بأنفسهما، وما ذكر الله ﷿ لا وعظاً ولا ضرباً، ولا هجراً، ولا حكمين، والحكمة في هذا ظاهرة جداً؛ لأن الأصل أن الرجل قوَّام على المرأة، فقد يكون إعراضه من أجل إصلاحها، بخلاف العكس، ولهذا هناك يعظها ويهجرها ويضربها، وهي لا تعظه ولا تهجره ولا تضربه، ولكن لا بد من مصالحة بينهما، فإذا لم يمكن أن يتصالحا فيما بينهما، فلا حرج في أن يتدخل الأقارب، لا على سبيل الحَكَم، ولكن على سبيل الإصلاح، ولهذا ما ذكر الله هنا المحاكمة، بل ذكر الإصلاح وندب إليه في قوله: ﴿وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾ فهذه الجملة كلمتان فقط، وليست خاصة بهذه القضية، بل في كل شيء، وهي من بلاغة القرآن، فكل شيء يكون عن طريق الصلح فهو خير، خيرٌ من المحاصة؛ فإن في المحاصة مهما كان سيكون في نفسه شيء على
(١) قرأ بها سائر القرّاء عدا عاصم وحمزة والكسائي، كما في الوجيز للأهوازي (١٦٣).