صاحبه الذي غلبه، لكن في المصالحة تطمئن النفوس وتستريح، ومع ذلك أشار الله ﷿ إلى أنه قد يوجد فيه مانع وعائق، فقال تعالى: ﴿وَأُحْضِرَتِ الأَنْفُسُ الشُّحَّ﴾ [النساء ١٢٨] يعني عندما يتكلم أناس في نزاع بينهما يحبون الصلح، لكن نفسك تشح أن يهضم حقك مهما كان الأمر، ولكن على كل حال الذي عنده عقل يغلب النفس.
وفي قوله تعالى: ﴿وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا﴾ توجيهات عظيمة من الرب ﷿، يعني ما قال: أطعنكم ورجعن إلى الصواب، فذكروهن ما مضى، وتقولون: فعلتِ كذا، وفعلتِ كذا، أو أنا قلت: كذا، وما أشبه ذلك، مما يبعث الأمور الماضية، بل قال: ﴿فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً﴾ أي: اتركوا كل ما مضى، ولا يكن في أذهانكم أبداً، وهذا من الحكمة؛ لأن ذكر الإنسان ما مضى من مثل هذه الأمور ما يزيد الأمر إلا شُقة وشدة ﴿فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا﴾ [النساء: ٣٤].