للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجدها الإنسان في نفسه، ثم تنتفخ الأوداج ـ يعني العروق ـ ويحمر الوجه وربما ينتشر الشعر ويقف، ويجد الإنسان نفسه كأنه يغلي، فإذا غضب الإنسان على زوجته وطلقها في حال الغضب، يقول المؤلف: إن الطلاق يقع؛ لأن الغضبان له قول معتبر، ولهذا قال النبي : «لا يقضي القاضي بين اثنين وهو غضبان» (١)، ومعنى ذلك أن حكمه معتبر، وإلا لما كان للنهي محل، فالحكم نافذ مع الغضب بنص السنة، وقد حكم النبي بين الزبير ورجل من الأنصار في السقي، فقال الرجل المحكوم عليه: أن كان ابن عمتك يا رسول الله؟ يعني حكمت له لأنه ابن عمتك، فغضب النبي ، وقال: «يا زبير: اسق حتى يصل الماء الجدر ثم أرسله إلى جارك» (٢)، فهنا نفذ الحكم مع الغضب، فإذا نفذ الحكم مع الغضب وهو بين الناس، فالحكم بين الإنسان وبين زوجته من باب أولى، فيقع طلاق الغضبان.

وقوله: «ومن الغضبان» المؤلف أطلق ولم يفرق بين الغضب الشديد والغضب الخفيف، وقد ذكر ابن القيم أن الغضب ثلاث درجات:

الأولى: أن يصل به إلى حد لا يدري ما يقول، وربما يصل


(١) أخرجه البخاري في الأحكام/ باب هل يقضي القاضي أو يفتي وهو غضبان؟ (٧١٥٨)، ومسلم في الأقضية/ باب كراهة قضاء القاضي وهو غضبان (١٧١٧) عن أبي بكرة .
(٢) أخرجه البخاري في المساقاة/ باب سَكْر الأنهار (٢٣٦٠)، ومسلم في الفضائل/ باب وجوب اتباعه (٢٣٥٧) عن عبد الله بن الزبير .

<<  <  ج: ص:  >  >>