للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الإغماء، فهذا لا يقع طلاقه بالاتفاق؛ لأنه لا يعقل ما يقول، فيقول: أنا طلقتها وما أدري هل أنا بالسماء أو بالأرض؟ وهل أمامي زوجتي أو أمي أو جدي أو جدتي.

الثانية: ابتداء الغضب لكن يعقل ما يقول، ويمكن أن يمنع نفسه، فهذا يقع طلاقه بالاتفاق؛ لأنه صدر من شخص يعقله غير مغلق عليه، وكثيراً ما يكون الطلاق في الغالب نتيجة للغضب.

الثالثة: بَيْنَ بَيْنَ، كإنسان يدري أنه بالأرض ويدري أنه ينطق بالطلاق، لكنه مغصوب عليه، فلقوة الغضب عجز أن يملك نفسه، والرسول يقول: «ليس الشديد بالصرعة» يعني الذي يصرع الناس «وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب» (١)، فهذا يدري ويعي ما يقول، وأنه يخاطب امرأته ويطلقها، لكن الغضب سيطر عليه كأنه يغصبه غصباً أن يطلق، فهذا فيه خلاف بين أهل العلم، فمنهم من قال: إن طلاقه يقع؛ لأن له قصداً صحيحاً، وهو يشعر بما يقول، ويعلم المرأة التي أوقع عليها الطلاق، فلا عذر له.

ومنهم من قال: إنه لا طلاق عليه؛ لأن النبي يقول: «لا طلاق ولا عتاق في إغلاق» (٢)، وهذا لا شك أنه مغلق عليه، فكأن أحداً أكرهه حتى طلق، وعلى هذا فيكون الطلاق غير


(١) أخرجه البخاري في الأدب/ باب الحذر من الغضب … (٦١١٤)، ومسلم في الأدب/ باب فضل من يملك نفسه عند الغضب … (٢٦٠٩) عن أبي هريرة .
(٢) سبق تخريجه ص (٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>