واقع، وهذا هو الصحيح، وهو اختيار شيخ الإسلام وابن القيم في كتابه «إغاثة اللهفان في طلاق الغضبان» وذكر ستة وعشرين وجهاً تدل على عدم وقوعه.
فالقول بعدم وقوع طلاق الغضبان نظرياً هو القول الراجح، لكن عملياً وتربوياً هل نقول بالفتوى به، أو نمنع الفتوى به إلا في حالات معينة نعرف فيها صدق الزوج؟ الثاني؛ لأننا لو أطلقنا القول بأن طلاق الغضبان لا يقع لَكَثُرَ من يقول: أنا غضبت وطلقت، وهو لا يفرق بين الدرجة الأولى والدرجة الثانية فيقع التلاعب، ولهذا فإطلاق الفتوى بعدم وقوع الطلاق من الغضبان يؤدي إلى أن يتتابع الناس في الطلاق، فإذا رأى الإنسان من الزوج أنه رجل مستقيم لا يمكن أن يتهاون فحينئذٍ يتوجه القول بالفتوى أنه لا يقع الطلاق، وإذا رأى أنه متهاون يريد أن ترجع إليه زوجته بأي سبيل، فهنا ينبغي أن يفتى بوقوع الطلاق، وهذا من باب سياسة الخلق، والسياسة لها شأن عظيم في الشريعة الإسلامية حتى في الأمور الحسية، فربما نمنع هذا الرجل من أكل هذا الطعام المعين وهو حلال؛ لأنه يضره، ولا نمنع الآخر لأنه لا يضره.
ومن الإغلاق ما يكون من الموسوسين، فالموسوس يغلق عليه حتى إنه يطلق بدون قصد، حتى إن بعضهم ـ نسأل الله العافية ـ يقول: إني إذا فتحت الكتاب كأني أقول: امرأتي طالق، وإذا رفعت اللقمة إلى فمي كأني أقول: امرأتي طالق، وكل شيء يُبْدِي له أن امرأته طالق، فهذا لا شك أنه لا يقع طلاقه حتى لو