يَتَرَاجَعَا﴾ أي: يرجع كل واحد منهما إلى الآخر، وهذه ابتداء عقد وليست مراجعة من طلاق، فدل هذا على أن المراجعة في الكتاب والسنة لا تعني فقط المراجعة في الاصطلاح، وهي رد الرجعية إلى النكاح، بل هي أعم من ذلك، فيكون حديث ابن عمر ﵄ ليس المراد به المراجعة الاصطلاحية، بل المراد المراجعة اللغوية، وهي أن ترجع إلى زوجها.
والحاصل: أن هذه المسألة التي فيها هذا الخلاف تحتاج إلى عناية تامة من طالب العلم؛ لأن سبيل الاحتياط فيها متعذر، إن قلت: أنا أريد الاحتياط؟ فأي سبيل تسلك؟ إن قلت: الاحتياط بتنفيذ الطلاق وقعت في حرج؛ لأنك سوف تحلها لرجل آخر لا تحل له، وإن قلت: الاحتياط أن لا أمضيه فهذا مشكل ثانٍ؛ لأنك ستحلُّها لزوجها، وهي حرام عليه، فهذه المسألة من المسائل التي لا يمكن فيها سلوك الاحتياط، فالذي يجب على الإنسان بقدر ما يستطيع أن يحقق فيها، إما هذا القول وإما هذا القول، وليس فيها خيار.
ونظيرها في العبادات اختلاف العلماء متى يدخل وقت العصر؟ فقال بعض العلماء: لا يدخل وقت العصر إلا إذا صار ظل كل شيء مثليه، وقال الجمهور: يدخل إذا صار ظل كل شيء مثله، ويحرم أن تؤخر الصلاة حتى يصير ظل كل شيء مثليه، فكيف تحتاط؟ إن صليت قبل أن يصير ظل كل شيء مثليه، قال لك أولئك: حرام عليك، وصلاتك ما تصح، وإن صليت عقب ما يصير ظل كل شيء مثليه، قال لك الآخرون: تأخيرك الصلاة