للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: «جاد أو هازل» يعني أنه يقع من الجاد ومن الهازل، والفرق بينهما أن الجاد قصد اللفظ والحكم، والهازل قصد اللفظ دون الحكم، فالجاد طلق زوجته قاصداً اللفظ وقاصداً الحكم وهو الفراق، وأما الهازل فهو قاصد للفظ غير قاصد للحكم، يقول مثلاً: أنا أمزح مع زوجتي، فقلت: أنت طالق، أو ما أشبه ذلك، وما قصدت أنها تطلق، فنقول: الحكم يترتب عليه؛ لأن الصيغة وجدت منك، وهي أنت طالق، أو زوجتي مطلقة، أو ما أشبه ذلك، والحكم إلى الله، فما دام وجد لفظ الطلاق من إنسان عاقل، يعقل ويميز ويدري ما هو، فكونه يقول: أنا ما قصدت أنه يقع، فهذا ليس إليه بل إلى الله، هذا من جهة التعليل والنظر، أما من جهة الأثر فحديث أبي هريرة عن النبي : «ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح والطلاق والرجعة» (١)، وفي رواية: «والعتق» (٢).

وقال بعض أهل العلم: إنه لا يقع الطلاق من الهازل، وكيف يقع الطلاق من الهازل وهو لم يرِدْه، إنما أراد اللفظ فقط؟!

وشنَّعوا على من قال بوقوع طلاق الهازل، فقالوا: أنتم تقولون: إنه هَزْلٌ، ليس بجد، فهو يضحك ويمزح، فكيف تقولون: يقع، وتعاملونه معاملة الجد؟!


(١) أخرجه أبو داود في الطلاق/ باب في الطلاق على الهزل (٢١٩٤)، والترمذي في الطلاق/ باب ما جاء في الجد والهزل والطلاق (١١٨٤)، وابن ماجه في الطلاق/ باب من طلق أو نكح … (٢٠٣٩) عن أبي هريرة ، قال الترمذي: «حسن غريب»، وحسنه الحافظ في التلخيص (٣/ ٢١٠).
(٢) أخرجه الطبراني في الكبير (١٨/ ٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>