من جهة النظر: إنه إذا أعتق الرقبة وهي كافرة، فإننا لا نأمن أن يلحق بالكفار؛ لأنه كافر، وتحرر، ولا لأحد عليه قول، وإذا كان مملوكاً فلا يقدر أن يذهب عن سيده فإذا كان يخشى من هذه المفسدة فإنه لا يُعتق الكافر، بل يبقى، وهذا القول رجحانه قوي.
أما الذين قالوا: إن الله تعالى أطلق في موضعين، وقيد في الثالث، والرسول ﵊ أطلق في الموضع الرابع فقالوا: نطلق ما أطلقه الله، ونقيد ما قيده الله ﴿﴾ [مريم: ٦٤] والأسباب مختلفة، فليس الحنث في اليمين ولا الظهار من الزوجة كالقتل، فالقتل أعظم؛ فلهذا اشترط الله في كفارته أن تكون الرقبة مؤمنة، وإذا كان القتل أشد فلا يمكن أن نقيس الأخف على الأشد، فكلامهم جيد لولا ما يعارضه، ومن ثم اختلف العلماء في غير كفارة القتل هل يشترط الإيمان أو لا يشترط؟ والراجح الاشتراط؛ لقوة دليله وتعليله، ولأنه أحوط وأبرأ للذمة.
الشرط الثاني: قوله: «سليمة من عيب يضر بالعمل ضرراً بيناً» وهذا الشرط لم يذكره الله ولا رسوله ﷺ، والدليل على اشتراطه قالوا: لأنه إذا أعتق من كان فيه عيب يضر بالعمل ضرراً بيناً صار هذا العتيق كلاًّ على الناس، بخلاف ما إذا بقي عند سيده، فإن سيده مأمور أن ينفق عليه، فكأنهم استنتجوا من المعنى اشتراط أن يكون المعتق سليماً من الآفات والعيوب الضارة بالعمل ضرراً بيناً، والعيوب على حسب ما قال المؤلف تنقسم إلى ثلاثة أقسام: