فأما القسمان الأولان، الضرر الذي لا يضر بالعمل إطلاقاً، أو يضر به ضرراً خفيفاً فإنهما لا يمنعان من إجزاء الرقبة، وأما ما يضر بالعمل ضرراً بيناً فإنه لا تجزئ فيه الرقبة.
مثاله: قوله: «كالعمى» التمثيل بالعمى فيه نظر؛ لأنه ليس كل عمى يمنع من العمل، فكم من أناسٍ عمي وعندهم أعمال يتعيشون بها، فلهذا يجب أن يقيد بالعمى الذي يمنعه من العمل؛ لأن المقصود من العتق هو أن يملك الإنسان نفعه وكسبه، والأعمى الذي يمنعه عماه من العمل إذا أعتق صار عالة على غيره؛ لأنه قبل أن يتحرر كان سيده ينفق عليه فلهذا لا يجزئ، وأما إذا كان لا يمنعه فلا يضر.
وقال بعض أهل الظاهر: إن المعيب يجزئ؛ لأن الله ﷾ ما ذكر في القرآن إلا الإيمان فقط، وهذا إن كان لا يستطيع العمل لكنه يتحرر من سيده، فيجد نفسه حُرّاً طليقاً يذهب حيث شاء، ويرجع حيث شاء فهو يستفيد من هذا العتق، ولكن جمهور العلماء ـ حتى إن بعضهم ذكره إجماعاً ـ يقولون: لا بد أن يكون سليماً مما يضر بالعمل ضرراً بيناً.
وأما الأعور فقد قيل: إنه لا يجزئ قياساً على العوراء في الأضحية، ولكن يقال: وإن سلمنا أن العور يضر العمل، فإنه يضر ضرراً خفيفاً فيجزئ.
قوله:«والشلل ليد أو رجل» الشلل في اليد أو الرجل واضح أنه يضر بغالب الأعمال؛ لأن الأشل بالرِّجل قد ينتفع بعمل آخر لا يحتاج إلى رجله فيه، كالغزل والنسج وما أشبه ذلك.