لا أبيع، فباع دخاناً، لا يحنث؛ لأن البيع غير صحيح، فالأشياء التي لها مدلول شرعي إنما تحمل على مدلولها الشرعي، فنقول: هذا الدليل صحيح، والاستدلال صحيح، ولكن من اعتقد النكاح صحيحاً فله حكمه، كما لو كان ممن يرون أنه لا يجب الولي في النكاح، ومن اعتقده فاسداً فحكمه حكم الباطل.
قوله:«ولو ذمية»«لو» هذه إشارة خلاف، والذمية هي من عقدت لها الذمة من الكفار، فقوله:«ولو ذمية» فيه تساهل، والصواب أن يقال:«ولو كتابية» لأنه لا يشترط في جواز نكاح الكتابية أن تكون ذمية، ولأن الذمة تعقد لغير أهل الكتاب، كالمجوس، ومع ذلك لا يحل نكاح المجوسية، فهذا التعبير فيه نظر طرداً وعكساً، فالمراد اليهودية أو النصرانية، وهل يمكن أن يتوفى شخص مسلم عن زوجة يهودية أو نصرانية؟ نعم؛ لأن اليهودية والنصرانية حلال للمسلمين، فلو مات عن امرأة غير مسلمة ـ يعني يهودية أو نصرانية ـ وجبت عليها العدة؛ لأنها زوجة، ووجب عليها الإحداد؛ لأن الإحداد تابع للعدة.
فإن قلت: ما الدليل؟ قلنا: الدليل عموم قوله تعالى: ﴿وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا﴾ وهذه زوجة، وعموم قول الرسول ﵊:«إلا على زوج»(١).
فلو قال قائل: الذمية لا يجب عليها إحداد؛ لقول الرسول ﵊:«لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت إلا على زوج … إلخ»، والذمية لا تؤمن بالله ولا