اليوم الآخر الإيمانَ الذي يقتضي الإذعان والقبول، فليس الإيمان مجرد أن يقول: أنا أؤمن بالله وأؤمن بأني سأبعث، بل لا بد أن يقبل ويذعن، ولهذا فهم غير مؤمنين، وإن قالوا: نؤمن بالله لقلنا: كذبتم، لو آمنتم بالله لآمنتم برسوله محمد ﵊.
فنقول: ذهب بعض أهل العلم إلى أنها إذا كانت كتابية فإنه لا إحداد عليها، واستدلوا بالحديث، وبأن الكفار لا يخاطبون بفروع الإسلام مخاطبة فعل، وإن كانوا يخاطبون بها مخاطبة عقوبة؛ فلا تقل للكافر: لا تُرَابِ؛ لأن الربا حرام، بل قل له: أسلم أولاً، ولا تقل له: لا تلبس خاتم ذهب؛ لأنه حرام، وإنما قل له: أسلم، وكذلك ما نقول له: صلِّ، بل نقول: أسلم، فهم لا يخاطبون بفروع الإسلام مخاطبة فعل، إنما مخاطبة عقوبة؛ ولهذا قال الله تعالى: ﴿إِلاَّ أَصْحَابَ الْيَمِينِ *﴾ ﴿فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ *عَنِ الْمُجْرِمِينَ *مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ *قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ *وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ *وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ *﴾ [المدثر]، فذكروا هذه الأشياء، ولولا أن لها أثراً في عقوبتهم ما ذكروها.
فما الجواب عن هذا الاستدلال؟
الجواب كالتالي:
أما الحديث وهو قوله ﵊:«لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت إلا على زوج» فالمراد بذلك الحث والإغراء، أي: إغراء المرأة على الفعل، وليس قيداً يخرج ما عداه، كما تقول: لا يمكن للكريم أن يهين ضيفه، قصدك بهذا أن تحثه على إكرام الضيف، وكذلك أيضاً