للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قلت: إن عموم قوله تعالى: ﴿وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ﴾ يشمل أمها من النسب وأمها من الرضاع.

فالجواب: أن الأم عند الإطلاق لا تدخل فيها أم الرضاع، بدليل قوله: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَهَاتُكُمْ﴾ ثم قال بعدها: ﴿وَأُمَهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ﴾ ولو كانت الأم عند الإطلاق يدخل فيها أم الرضاع ما ذكرت مرة ثانية.

والحاصل: أن هذا القول هو القول الراجح وإن كان خلاف رأي الجمهور؛ لأنه ما دامت المسألة ليست إجماعاً فلا ضير على الإنسان أن يأخذ بقول يراه أصح، وابن رجب نقل عن شيخ الإسلام أنه يرى هذا الرأي: أن الرضاع لا يؤثر في تحريم المصاهرة، وذكر عنه ابن القيم أنه توقف في ذلك، ولا يمنع أن يكون توقف ثم تبين له بعد ذلك الأمر، كما يوجد في كثير من آرائه ، فأحياناً يصرح بأنه رجع عن رأيه أو يتبين واضحاً أنه رجع عن رأيه، وأحياناً يتوقف.

فإذا قال قائل: أنا أتهيب من خلاف الجمهور، وأريد أن أسلك الاحتياط من الوجهين، فأقول: إن أم الزوجة من الرضاع ليست حراماً على الزوج، فلا أحل لها أن تكشف وجهها موافقة لقول شيخ الإسلام، ولا أحل له أن يتزوج بها موافقة للجمهور، فهل لهذا المسلك أصل؟

الجواب: نعم، وذلك في قصة سودة بنت زمعة حين تنازع عبد بن زمعة وسعد بن أبي وقاص في وليد، فقال سعد: يا رسول الله إن هذا ولد من أخي عتبة، وأنه عهد

<<  <  ج: ص:  >  >>