فلها المطالبة بالنفقة للعلة السابقة، وهي أن الإنفاق عليها في مقابلة الاستمتاع، فإذا تعذر فلها أن تطالب بالفسخ، وهذا هو المشهور من المذهب.
واختار ابن القيم ﵀ أنه لا فسخ لها إلاّ في الصورة الأولى، وهي إذا تزوجها معسراً جاهلة بإعساره، وقال: إنها في الصورة الثانية قد دخلت على بصيرة، فهي كما لو تزوجته وبه عيب من بخر، أو برص، أو غير ذلك من العيوب، فإنها لا تملك الفسخ بعد ذلك؛ لأنها رضيت به، وهي هنا رضيت به معيباً بالفقر، فلا تملك الفسخ.
وأما إذا كان غنياً ثم افتقر فإنه أيضاً لم يحصل منه جناية ولا عدوان، والله تعالى يقول: ﴿وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آتَاهَا﴾ [الطلاق: ٧]، وهذا لم يؤتَ شيئاً فلا يكلفه الله.
فتعاليل ابن القيم ﵀ قوية جداً، لكن الذين قالوا: إن لها الفسخ استدلوا بآثار، منها ما في الصحيح من حديث أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ قال:«اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول»، قال أبو هريرة: المرأة تقول: أنفق عليّ، أطعمني أو طلقني، فقيل لأبي هريرة: سمعت ذلك من النبي ﷺ؟ قال: لا، قالها أبو هريرة من كيسه (١)، أي: استنبطها من الحديث، قالوا: وهذا قول صحابي، وأيضاً نحن لا
(١) أخرجه البخاري في النفقات/ باب وجوب النفقة على الأهل والعيال (٥٣٥٥) عن أبي هريرة ﵁.