للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نكلفه ما لا يستطيع، لكن أيضاً لا نبقي هذه المرأة مع الضرر عليها؛ لأنها محبوسة على زوجها وليس لها ما تقيت به نفسها، ولهذا ذهب بعض أهل العلم إلى قول جيد يجمع بين الحقوق، فقال: ليس لها الفسخ في الحالة الثالثة؛ لأن هذا ليس باختياره، وفي الحال الثانية ليس لها الفسخ؛ لأنها دخلت على بصيرة، ولكن لا يمنعها من التكسب؛ لأنه إذا كان ينفق عليها له الحق أن يمنعها من التكسب، فإذا كان لا ينفق فليرخص لها في التكسب، وهذا قولٌ قوي، وإليه ذهب أبو حنيفة .

وابن القيم استدل بأن كثيراً من الصحابة يفتقرون ولم يحدث أن أحداً منهم فُسخت زوجته منه، ولكن زميله صاحب «الفروع» قال بعد نقله لكلامه: كذا قال، والعالم إذا نقل كلام أحد من أهل العلم، ثم قال: كذا قال فمعناه أنه لم يرتضه، ووجه عدم ارتضاء صاحب «الفروع» لكلام ابن القيم أنه قد يقال: إن الصحابة ما عجزوا عجزاً مطلقاً، بحيث لا يتمكنون من بعض القوت، أو يقال: جواب آخر، من قال: إن الصحابيات الزوجات لم يطالبن بالفسخ؟! ونحن نقول: تملك الفسخ، ولا يجب عليها الفسخ، وبينهما فرق، فيجوز أن نساء الصحابة اقتنعن بما حصل، ولم يطالبن بالفسخ.

وعلى كل حال فالقول الذي أطمئن إليه أنها لا تملك الفسخ، لكن لا يملك منعها من التكسب، وهذا في غير الصورة الأولى وهي ما إذا تزوجته ولم تعلم بإعساره.

<<  <  ج: ص:  >  >>