وذهب بعض أهل العلم إلى أنه إذا أعسر الزوج بالنفقة وجب عليها هي ـ أي: الزوجة ـ أن تنفق عليه إذا كان عندها مال، واستدل بعموم قوله تعالى: ﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣]، والزوجة وارثة، فيجب عليها أن تنفق.
ولكن هذا قول ضعيف، وقوله تعالى: ﴿وَعَلَى الْوَارِثِ﴾، أي: على الوارث مثل ذلك للمرضع.
وقوله:«أو مسكن» المراد إذا أعسر عن المسكن مُلكاً أو استئجاراً، فإذا استأجر لها بيتاً فليس لها حق المطالبة ببيت ملك.
وقوله:«فلها الفسخ» أي: بإذن الحاكم، ولا بد أن يحكم القاضي بذلك.
وسبق لنا أن شيخ الإسلام ﵀ يقول: كل فسخ يتوقف على الحاكم فإنما ذلك عند النزاع، فلو رضيا بالفسخ فيما بينهما فلهما ذلك، وهذا هو الصحيح.
قوله:«فإن غاب ولم يدع لها نفقة، وتعذر أخذها من ماله واستدانتها عليه فلها الفسخ بإذن الحاكم» صورة المسألة رجل موسر غاب عن البلد، أو تغيّب في البلد ولا يُدرَى مكانه، ولم يترك لزوجته نفقة، وليس له مال يمكن أن تأخذ منه، ولا يمكن أن تستدين على ذمته، فإن لها الفسخ؛ لأن هذا وإن كان موسراً فهو بمنزلة المعسر؛ لتعذر الإنفاق، بل إنه أشد من المعسر؛ لأن المعسر ليس له حول ولا قوة، وهذا له حول وقوة، فيمكن أن يجعل لها نفقة، أو يوكل من يعطيها النفقة، وما أشبه ذلك.