للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلم من قوله: «ولم يدع لها نفقة» أنه لو ترك لها نفقة فلا فسخ، ولكن من حيث النفقة، وأما من حيث حضوره فقد سبق في باب عشرة النساء.

وعُلم من قوله: «وتعذر أخذها من ماله» أنه لو أمكن أن تأخذ من ماله فلها أن تأخذ، ولو لم يعلم، وليس لها الفسخ، والدليل على ذلك قصة هند بنت عتبة حين قالت للرسول : إن أبا سفيان رجل شحيح، لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بني، فقال لها النبي : «خذي من ماله ما يكفيك ويكفي بنيك بالمعروف» (١)، فلها أن تأخذ من ماله ما يكفي النفقة عليها وعلى ولدها، لكن بالمعروف، والمعروف هو الذي لا يخرج عن الحدود الشرعية والعادية.

فإن قيل: كيف يجوز لها أن تأخذ من ماله بغير إذنه؟ وهل هذا إلاّ خيانة، وقد قال النبي : «لا تخن من خانك» (٢)؟!

فالجواب: أن هذا ليس من باب الخيانة، ولكنه من باب أخذ الحق مع القدرة عليه، ولهذا جعل فقهاء الحنابلة لهذه


(١) أخرجه البخاري في النفقات/ باب إذا لم ينفق الرجل فللمرأة أن تأخذ بغير علمه … (٥٣٦٤)، ومسلم في الأقضية/ باب قضية هند (١٧١٤) عن عائشة .
(٢) أخرجه أحمد (٣/ ٤١٤)، وأبو داود في البيوع/ باب في الرجل يأخذ حقه من تحت يده (٣٥٣٥)، والترمذي في البيوع/ باب أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك (١٢٦٤)، والدارمي في البيوع/ باب في أداء الأمانة … (٢٤٨٤)، والحاكم في المستدرك (٢/ ٥٣) قال الترمذي: حسن غريب. والحديث صححه الحافظ في التلخيص (٣/ ٩٧)، وابن الملقن في الخلاصة (٢/ ١٥٠)، والألباني في الصحيحة (١/ ٧٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>