من الذي جنى عليك، أنا أريد أن آخذ الدية، نقول للسيد: ليس لك حق في أن تمنعه من القصاص؛ لأن القصاص فيه تشفٍّ للإنسان المعتدى عليه، فقد يقول: أنا لا يشفيني ولا يذهب ما في قلبي من الغم والغل إلاّ أن أقطع يده مثل ما قطع يدي.
فالخسارة المالية على السيد، ربما تكون اليد المقطوعة هي اليمنى، وهذا العبد كاتِبٌ فإذا قطعت يده صار بدلاً من أن يساوي عشرة آلاف، لا يساوي إلا ألف ريال، لكن نقول: الحق له، وليس له أن يعفو مجاناً، بل لا بد أن يكون عفوه على مال؛ لأننا إنما أبحنا له القصاص؛ لأجل التشفي، فإذا لم يرد التشفي فلا يمكن أن تضيع المالية على سيده.
وقوله:«أو تعزير قذف» القذف هو أن يرميه بالزنا، وقذف العبد لا يوجب الحد؛ لأن من شرط الإحصان أن يكون حراً، وهذا ليس بحر، وإنما يوجب التعزير؛ لئلا يتطاول الناس على الأرقاء، ولهذا قال المؤلف:«تعزير قذف» ولم يقل: حد قذف؛ لأنه لا حد.
فلو قُذِف هذا العبد نقول له: إن شئت فطالب، وإن شئت فلا تطالب، فإن قال السيد: الحق لي أنا؛ لأنه إن قُذِف ولم يطالب، قال الناس: إن قذفه بذلك صحيح، وإذا كان موصوفاً بالزنا فإن قيمته تنقص، فإذا قال هذا العبد: أنا أسقط تعزير القذف، قال السيد: أنا لا أسقطه، فهذه المسألة في النفس منها شيء، أي: كوننا نجعل للعبد الخيار بين إسقاط تعزير القذف، وعدم إسقاطه؛ ووجه ذلك أن الضرر ليس عليه وحده، بل الضرر