للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولاً: لأنَّ الرَّسول صَرَّح في الحديث بأنَّ هناك من يؤذِّنُ إذا طلع الفجر، فتحصُل به الكفاية وهو ابنُ أُمِّ مكتوم، ومعلوم أنه إذا كان يوجد من يؤذِّن لصلاة الفجر حصلت به الكفاية.

ثانياً: أنه قد بيَّن في الحديث الذي أخرجه الجماعة: «أن بلالاً يؤذِّن بليلٍ؛ ليوقظ النَّائمَ ويرجع القائمَ» (١)، فليس أذانه لصلاة الصُّبح، بل ليوقظ النَّائم ويرجع القائم من أجل السُّحُور، ولهذا قال: «فكُلُوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم».

وقوله: «بعد نصف الليل» هذا أيضاً فيه نظر، فحديث بلال الذي استدلُّوا به لا يدلُّ على أن الأذان بعد نصف الليل، بل يدلُّ على أن الأذان قريب من الفجر، ووجهه: أنَّه قال: «كُلُوا واشربوا حتى يؤذِّن ابنُ أُمِّ مكتوم»، وقال: «ليرجع قائمَكم ويوقظ نائمَكم». وهذا دليل على أنه لم يكن بين أذان بلال والفجر إلا مُدَّة وجيزة بمقدار ما يتسحَّر الصَّائم، ولهذا ربما يتوهَّمُ بعض النَّاس فيمسك عند أذان بلال، فقال لهم الرَّسول : كُلُوا واشربوا حتى يؤذِّنَ ابنُ أُمِّ مكتوم»، وهذا يدلُّ على أن أذان بلال كان قريباً من طلوع الفجر.

والقول الثاني: في هذه المسألة: أنه لا يصحُّ الأذان قبل الفجر إلا إذا وُجِدَ من يؤذِّن بعد الفجر (٢)، وهؤلاء لهم حَظٌ من حديث بلال.


(١) متفق عليه، وقد تقدم تخريجه ص (٦٢).
(٢) انظر: «المغني» (٢/ ٦٢ ـ ٦٥)، «الإنصاف» (٣/ ٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>