الخمسة، وبهذا نعرف أن العمد وشبه العمد من ناحية الدية يشتركان في شيء، ويفترقان في شيء، فيشتركان في تغليظ الدية، فكلاهما الدية فيه مغلظة، ويختلفان في التحميل والتأجيل، فشبه العمد على العاقلة مؤجلاً ثلاث سنوات، والعمد على الجاني حالًّا.
ويشترك الخطأ وشبه العمد من ناحية الدية في أنها على العاقلة، ومؤجلة بثلاث سنوات، ويختلفان في التغليظ.
والحكمة في هذا الاختلاف، قالوا: لأننا إذا نظرنا إلى القصد في شبه العمد ألحقناه بالعمد، وإذا نظرنا إلى عدم قصد القتل ألحقناه بالخطأ، فروعي فيه الأمران، فبالنظر إلى أنه عمد غلَّظناه، وبالنظر إلى أن القاتل لم يقصد القتل خففناه، وجعلنا الدية على العاقلة مؤجلة ثلاث سنوات.
واعلم أن التغليظ خاص بالإبل فقط، أما سائر الأصناف فلا تغلظ، فلا يلزم ـ مثلاً ـ أن يدفع ذهباً عيار أربعة وعشرين، فما دام أنه ذهب فإنه يجزئ بشرط عدم كونه معيباً.
وكذلك لا تغليظ في البقر، بل تدفع نصفها مسنَّات، ونصفها أتبعة، وفي الغنم نصفها ثنايا، ونصفها أجذعة، إذا كانت من الضأن، أما إذا كانت من المعز فكلها ثنايا، وليس فيها تغليظ، فلا فرق بين العمد، وشبه العمد، والخطأ، وهذا مما يدل على أن دية الإبل هي الأصل.