للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يرجمونه، وأزلقته الحجارة، وذاق مسها هرب، حتى أدركوه فأتموا رجمه، فقال النبي لما علم بهذا: «هلا تركتموه يتوب فيتوبَ الله عليه؟» (١).

قال أهل العلم: وهذا دليل على جواز رجوع المقِر، وأنه إذا رجع في إقراره حرم إقامة الحد عليه، حتى ولو كان قد شُرِع في ذلك، وحتى لو أنه لُقن أن يرجع فرجع فإنه يترك، ولا يقام عليه الحد.

ثانياً: قالوا: إن هذا هو ما قضى به الخلفاء الراشدون (٢) ، ومعلوم أن للخلفاء الراشدين سنة متبعة؛ لقول النبي : «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي» (٣)، فإذا قضوا بأن رجوع المقر عن الإقرار موجب لرفع الحد عنه وجب علينا أن لا نقيم عليه الحد، وحرم علينا إقامة الحد.

ثالثاً: قالوا: إن المعنى يقتضي رفع الحد عنه؛ لأنه إذا رجع وقال: إنه لم يزنِ، فكيف نقيم الحد على رجل يصرخ بأعلى


(١) أخرجه أحمد (٥/ ٢١٦)، وأبو داود في الحدود باب رجم ماعز بن مالك (٤٤١٩) عن نعيم بن هزال ـ رضي
الله عنه ـ قال الحافظ في التلخيص (٤/ ٥٨): «إسناده حسن».
(٢) جاء ذلك عن عمر وأبي بكر فيما رواه عبد الرزاق (١٨٩١٩)، ورواه ابن أبي شيبة عن
عمر (٢٨٥٧٩) ط. الحوت، وجاء عن علي ، كما في مسند أبي يعلى (٣٢٨) ط،
حسين سليم أسد.
(٣) أخرجه الإمام أحمد (٤/ ١٢٦)، وأبو داود في السنة باب لزوم السنة (٤٦٠٦)، والترمذي في العلم باب ما جاء
في الأخذ بالسنة (١٦٧٦)، وابن ماجه في المقدمة باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين (٤٢) عن العرباض بن سارية ـ
قال الترمذي: حسن صحيح، وصححه ابن حبان (٥)، والحاكم (١/ ٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>