للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صوته إنه لم يزنِ؟! فنحن نقيم عليه الحد بأمر هو ينكره، والأمر جاء من قِبَله هو، فلا يمكن أن نحده وهو ينكره.

رابعاً: القياس على رجوع البينة؛ لأنه لو شهد عليه أربعة رجال بالزنا، وحكم الحاكم بإقامة الحد بمقتضى هذه الشهادة ثم رجعوا، قالوا: شهدنا ولكن نستغفر الله ونتوب إليه، رجعنا عن شهادتنا، فإنه لا يجوز إقامة الحد عليه؛ لأن رجوع هؤلاء الشهود قدح فيهم؛ لأنهم كاذبون في إحدى الشهادتين، إن كان في الأول فهم كاذبون فلا تقبل، وإن كان في الثاني فهم كاذبون فلا تقبل شهادتهم.

فقالوا: إن هذا يقاس عليه، أي: أن رجوع المقر عن إقراره يرفع عند الحد، كرجوع الشهود عن شهادتهم.

وهذا هو مذهب الإمام أحمد، وأبي حنيفة، والشافعي، ومالك في بعض الأحوال.

وقالت الظاهرية: لا يقبل رجوعه عن الإقرار، ويجب إقامة الحد عليه، وبيننا وبينكم كتاب الله وسنة رسول الله ، قالوا: إن الله ﷿ يقول: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ﴾ [النساء: ١٣٥]، فإذا شهد على نفسه بالزنا فقد قام بالقسط، وصَدَقَ عليه وصف الزاني، وقد قال الله ﷿: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ﴾ [النور: ٢]، فكيف نرفع هذا الحكم الذي أمر الله به مُعَلَّقاً على وصف ثبت بإقرار من اتصف به؟! هذا لا يمكن؛ لأن هذا حكم معلق على وصف ثبت بإقرار، فبمجرد ما ثبت الإقرار ثبت الحد، فما الذي يرفعه؟!

<<  <  ج: ص:  >  >>