للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمانون، فوافق على ذلك الصحابة (١)؛ وجه الدلالة من هذا الحديث أنه قال: «أخف الحدود ثمانون»، ونحن نعلم أن الرسول : ضُرِبَ الشارب في عهده نحو أربعين (٢)، وفي عهد أبي بكر أربعين (٣)، ولو كان حدّاً لكان أخف الحدود أربعين، ثم لو كان حدّاً ما استطاع عمر ولا غيره أن يتجاوزه، فالحد لا يمكن أن يزيده أحد، كما لا تزاد صلاة الظهر عن أربع، وصلاة المغرب عن ثلاث، وصلاة الفجر على اثنتين، أيضاً الحدود التي قدرها الله أو رسوله .

وأيضاً قوله: أخف الحدود ثمانون، يدل على أنه يجوز أن نتجاوز ما كان الشارب يُجْلَد إيَّاه في عهد النبي ، ولو كان حدّاً ما جازت مجاوزته، ولا استشار عمر الصحابة في الزيادة، مع أنه كان معروفاً بالوقوف عند حدود الله .

خامساً: ما صح الحديث به عن عبد الله بن عمرو بن العاص : «إذا شرب فاجلدوه»، وذكر ذلك ثلاثاً، ثم قال: «فإن شرب الرابعة فاقتلوه» (٤)، وهذا دليل على أنه عقوبة تتدرج حتى تصل إلى القتل، ولو كان حدّاً محدوداً لكان الحد فيه لا يتغير.

وهذا هو الراجح عندي، وهو ظاهر كلام ابن القيم في إعلام الموقعين، وهو أنه تعزير لكن لا ينقص عن أقل تقدير وردت به السنة، وأما الزيادة فلا حرج في الزيادة إذا رأى الحاكم المصلحة في ذلك.


(١) أخرجه مسلم في الحدود باب حد الخمر (١٧٠٦) عن أنس بن مالك .
(٢) سبق تخريجه ص (٢٩٣).
(٣) أخرجه البخاري في الحدود/ باب ما جاء في ضرب شارب الخمر (٦٧٧٣)، ومسلم في الحدود/ باب حد الخمر (١٧٠٦) عن أنس .
(٤) سبق تخريجه ص (٢٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>