للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العجين بماء خمر ـ فيأكله الإنسان لقيمات، فيحصل السكر، ولهذا الأحسن أن نقول: «كل ما أسكر كثيرُهُ» كما جاء في الحديث، سواء كان شراباً، أو معجوناً، أو مطحوناً، فكل ما أسكر فإنه حرام.

وإذا أسكر كثيره فظاهر أنه حرام؛ وأما القليل فحرام بدليل الحديث؛ ولأنه ذريعة إلى شُرب الكثير المسكر، فلهذا منع الشرع منه.

ويجب أن نعرف الفرق بين أن نقول: «ما أسكر كثيره فقليله حرام»، وبين أن نقول: «ما كان مسكراً وخلط بغيره فهو حرام»، لأن ما أسكر كثيره بمعنى هذا الشراب بعينه، إن أكثرت منه سكرت، وإن أقللت لم تسكر، فيكون القليل حراماً؛ لأنه ذريعة.

وأما خلط الخمر بغيره على وجه لا يظهر فيه أثره، فإن هذا لا يؤثر، فهو كما لو وقعت نجاسة بماء فلم تغيره.

ففي هذه الحال لا يكون الماء نجساً؛ فإذا عَجَن عجيناً بخمر فإنه يكون حراماً، وهذا بشرط أن يسكر، ومعلوم أنك إذا عجنت العجين بخمر فإنه سوف يؤثر عليه بلا شك، أما إذا لم يؤثر، أي: يكون خلطاً قليلاً يتضاءل ويذهب أثره فلا عبرة به.

قوله: «وَهُوَ خَمْرٌ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ كَانَ» «وهو» أي: المسكر، «خمر» لقول النبي : «كل مسكر خمر» (١)؛ ووجه التسمية بيَّنها عمر بن الخطاب فقال: الخمر ما خامر العقل (٢)، أي: غطاه، ومنه سمي خمار المرأة؛ لأنه يغطي


(١) سبق تخريجه ص (٢٢٢).
(٢) أخرجه البخاري في التفسير باب قوله: ﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ﴾ (٤٦١٩)، ومسلم في التفسير باب في نزول تحريم الخمر (٣٠٣٢) عن ابن عمر .

<<  <  ج: ص:  >  >>