للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأسها، وعلى هذا فنقول: كل ما غطى العقل على سبيل اللذة والطرب فهو خمر من أي نوع كان، وإنما قال: «من أي نوع كان» رداً على من قال: إن الخمر لا يكون إلا من العنب، فإن هذا القول ضعيف جداً، ومردود على قائله؛ لأن أفصح من نطق بالضاد محمداً قال: «كل مسكر خمر» (١)، وما قال: من العنب، فكل مسكر من العنب، أو الرُّطب، أو الشعير، أو الذرة، أو البرِّ، أو أي شيء كان فإنه خمر، وداخل في التحريم، وهو محرم بالكتاب، والسنة، وإجماع المسلمين.

فدليله من الكتاب قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [المائدة:٩٠].

ووجه الدلالة من الآية قوله: ﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾، والأصل في الأمر الوجوب، ولأنه أضافه إلى الشيطان، فقال: ﴿مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ﴾، وما كان من عمل الشيطان فإنه حرام لقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ﴾ [النور: ٢١]، ولأن فيه إثماً زائداً على منفعته، والإثم محرم؛ لقوله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾ [الأعراف: ٣٣].

وأما السنة فهي صريحة في أنه حرام، في عدة أحاديث عن النبي ، وأنَّ بيعه حرام أيضاً، كما في حديث جابر أن النبي خطب في مكة عام الفتح، وقال: «إن الله حرَّم بيع الخمر،


(١) سبق تخريجه ص (٢٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>