للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا وُجِدَ الإكراه فإن الإنسان ـ وإن اختار الفعل ـ لا يعاقب عليه.

ومنهم من قال: يشترط لعدم العقوبة أن ينوي دفع الإكراه، لا ذات الفعل، فلو أن رجلاً أكره على شرب الخمر، كأن قيل له: إما أن تشرب هذه الكأس، وإما أن نقتلك؟ قال: ما دمتم أكرهتموني فهاتوها، فشربها اختياراً لا لدفع الإكراه، فهل يحد؟ ينبني على القولين، إن قلنا: إنه لا يشترط أن ينوي دفع الإكراه فإنه لا يحدُّ؛ لأن الإنسان قد لا يكون في نفسه قبل تلك اللحظة إرادة دفع الإكراه، وإنما يقول: أكرهت على هذا الفعل، فسأفعله، وهذا هو الأقرب، بدليل أنه لولا أنه أكره ما شَرِبَ، وإن قلنا: إنه لا بد أن ينوي دفع الإكراه فإنه يُحَدُّ، والصحيح أنه لا يُحَدُّ.

قوله: «عَالماً أَنَّ كَثِيرَهُ يُسْكِرُ» هذا الشرط الثالث، فيشترط أن يعلم أنه خمر، وأن يعلم أن كثيره يسكر، فإن لم يعلم أنه خمر، أي: ظن أنه شراب من سائر المشروبات، ثم لما شربه سَكِر فليس عليه حدٌّ؛ لأنه جاهل بالحال.

كذلك لو علم أنه مسكر، لكن لم يظن أن كثيره يسكر، فإنه لا يحد؛ لأنه يشترط أن يعلم أن كثيره يسكر، فإن علم أن قليله يسكر فإنه يحد من باب أولى.

ويشترط مع ذلك الشروط العامة، أن يكون عالماً بالتحريم، بالغاً، عاقلاً.

قوله: «فعليه الحد» ظاهره أنه سواء سكر منه، أو لم يسكر، فإذا علم أن كثيره يسكر فشرب ـ وإن لم يسكر ـ فعليه

<<  <  ج: ص:  >  >>