للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: «أو بهيمةٌ» كبعير صال على هذا الإنسان يريد أن يقتله، أو صال عليه ذئب يريد أن يأكل غنمه، ولم يندفع الجمل أو الذئب إلا بالقتل، فهل يضمن؟ الجواب: لا يضمن؛ لأن الصائل لا حرمة له؛ لأنه مؤذٍ، والمؤذي إن كان طبيعته الأذى قتل وإن لم يَصُل، كالفأرة، والحية، والعقرب، وما أشبهها، وإن لم يكن طبيعته الأذى فإنه يقتل حال أذيته، مثل الجمل، لكن لو ادعى صاحب الجمل أن الجمل لم يَصُل، فما الحكم؟ أما المذهب فيلزمه الضمان؛ لأن الأصل حرمة مال المسلم، فالأصل أن هذا الجمل محترم، إلا إذا قامت البينة على أنه صال عليه، ولم يندفع إلا بالقتل.

والصحيح ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية أنه يرجع في ذلك إلى القرائن، فإذا علم أن هذا القاتل الذي ادعى أنه صِيل عليه رجل صالح، ولا يمكن أن يعتدي على حق غيره إلا بموجب شرعي، فإن القول قوله، ولكن لا بد أن يحلف؛ لأن اليمين تكون في جانب أقوى المدعيين، وأما إذا كان غير معروف بالصلاح فإن الأصل ضمان مال الغير واحترامه.

وقوله: «وَيَلْزَمُهُ الدَّفْعُ عَنْ نَفْسِهِ» أي: يلزم من صال عليه آدمي أو بهيمة أن يدافع عن نفسه وجوباً، لقوله تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: ١٩٥]، ومن استسلم للصائل الذي يريد قتله فقد ألقى بنفسه إلى التهلكة، ووقع فيما نهى الله عنه، ولقوله تعالى: ﴿وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ﴾ [البقرة: ١٩١]، فأمر بقتلهم حتى عند المسجد الحرام مع

<<  <  ج: ص:  >  >>